حلاوتك يامصر.. يامنورة بالنصر

وسط جموع المصريين الذين تدفقوا طوال الليل علي شوارع «المحروسة» بفرحة هادرة للفوز الكبير لمنتخبهم الوطني علي منتخب كوت ديفوار وصعوده لنهائي البطولة السادسة والعشرين لكأس الأمم الأفريقية، التي تستضيفها غانا عقب «موقعة الأفيال» التي سيخلدها تاريخ الكرة المصرية، تحولت ليلة شتائية من ليالي القاهرة إلي أنشودة حب دافئة لوطن جدير بكل الحب وغردت الجميلات «يا حبيبتي يا مصر».

رصدنا حضورا ظاهرا للجميلات في الاحتفالات التي عمت القاهرة ومصر المحروسة كلها بعد أن تمكن منتخب الفراعنة بأربعة أهداف رائعة من ذبح الأفيال التي هددت وتوعدت علي استاد بابا يارا.

وأضفي هذا الحضور الأنثوي المتألق مزيدا من البهجة علي ليلة لن تنسي بقدر ما تعيد الظاهرة للأذهان مجددا ملف الكرة النسائية والمبدعات بالإقدام علي المستطيل الأخضر، وسط آمال بأن تتمكن جميلات مصر يوما من انتزاع عرش البطولة الأفريقية وتمثيل القارة السمراء في بطولة كأس العالم النسائية.

وفيما غردت الجميلات في قلب القاهرة «يا حبيبتي يا مصر» قالت ريهام عصام، الطالبة بكلية الآداب جامعة القاهرة «شكرا لمنتخب الفراعنة الذي رسم ابتسامة كبيرة علي وجه مصر.. وموعدنا قريب لنستقبل لاعبينا وطاقمهم الفني بقيادة الكابتن حسن شحاتة وقد عادوا بكأس البطولة السادسة والعشرين حاملين لقب أبطال أفريقيا للمرة السادسة».

أما زميلتها سناء محمود فقد بدا تأثرها واضحا بدراستها للفلسفة، حيث مضت تؤكد أن المنتخب الوطني يجسد مفهوم البطل والبطولة في أدائه المبدع تحت علم مصر في كل مبارياته بغانا «غير أنها كهاوية لكرة القدم اعتبرت أن المباراة أمام أفيال كوت ديفوار كانت أجمل مباريات الفراعنة حتي الآن».

وتقول ميرفت الأهواني التي تعيش مع زوجها الأستاذ الجامعي في نيويورك وجاءت في إجازة خاطفة للقاهرة قبل ساعات من «موقعة الأفيال» إن مباريات منتخب الفراعنة في البطولة الأفريقية الحالية تجمع كل المصريين في المهجر الأمريكي في جلسات حميمية يشجعون فيها منتخبهم الوطني ويستعيدون أعذب الذكريات عن «وطن في القلب».

أما نورا خطاب وهي صحفية سعودية تتخذ من القاهرة مقرا لعملها فتردد أنشودة «يا حبيبتي يا مصر»، مؤكدة أن المنتخب الوطني بات يمثل كل العرب في أكبر وأهم بطولة كروية أفريقية، وأنها شأن ملايين العرب تتمني أن يعود «منتخب الفراعنة بكأس البطولة للمرة السادسة».

وامتدحت نورا خطاب وصديقتها المصرية فاتن محسن علي وجه الخصوص الأداء البطولي لحارس مرمي مصر عصام الحضري، الذي زاد بجسارة عن مرماه فيما تقول ناهد عيسي: ومن الذي ينسي عمرو زكي والمتألق «أبوتريكة».

وأعربت نادية حسين مهندسة الديكور عن تقديرها البالغ لقرار وزارة الطيران المدني بتخصيص رحلة جوية بأجور خاصة ومخفضة لنقل لمشجعين المصريين إلي غانا لمؤازرة منتخبهم الوطني في نهائي البطولة أمام أسود الكاميرون، وتوقعت أن «ينجح الفراعنة للمرة الثانية في هذه البطولة في نزع مخالب الأسود».

وامتلأت شوارع جامعة الدول العربية وأحمد عرابي بالمهندسين ووسط البلد بحشود غفيرة من الجماهير التي حملت الأعلام ورددت بعض الأغاني، حتي بدوا وكأنهم فرقة موسيقية تعزف لحنا واحدا يحمل اسم «مصر»، وأشعل بعض المشجعين زجاجات «البيروسول» لتضيء الشوارع ألسنة من النيران، وحملهم البعض الآخر علي أكتافهم وحملوا العلم المصري وأخذوا يرددون هتاف «مصر.. مصر» علي دقات الطبول،

مما أيقظ المئات من العصافير التي كانت متواجدة في أعشاشها علي الأشجار الموجودة في تلك الشوارع، فقررت أن تترك الأعشاش بصورة جماعية جعلت المشهد يبدوا وكأنها خرجت هي الأخري لتعلن عن فرحتها بالمنتخب الوطني.

وعلي الأرصفة احتشد العشرات من باعة الأعلام والقبعات التي تحمل علم مصر، وتجمع حولهم المئات من المواطنين أملاً في أن يتمكنوا من الحصول علي علم يجولون به الشوارع، وكان محمد مصطفي، ١٥ سنة بائع أعلام، في انتظار أن تنتهي المباراة بفوز مصر حتي يتمكن من بيع ما تبقي معه من أعلام وقبعات،

خاصة أنه يقف في الشارع منذ الساعة الرابعة مساء حتي يتمكن من بيع الكمية التي يحملها والتي قاربت المائة علم، وعلي الرغم من أنه لم يتبق معه سوي ٣ أعلام فقط، فإنه فضل الانتظار للاحتفال مع الجماهير قائلا: «أنا بشجع مصر ونفسي نكسب وناخد الكأس علشان نفرح بقي»،

أما محمد خضر، ٢٧ سنة، فقرر أن يجول الشوارع بسيارته مع أصدقائه الذين اجتمعوا سويا لمشاهدة المباراة وتشجيع المنتخب، وأشاد محمد بالأداء المتميز للمنتخب المصري وبالتشكيل الذي أعده الكابتن حسن شحاتة وأضاف: «الرجل ده عارف هو بيعمل إيه كويس ونزول زيدان في وقت متأخر أربك فريق كوت ديفوار وده المطلوب».

وعلي الجانب الآخر، اعتبر ياسر الزمر، ٣٨ سنة وصاحب مطبعة، الحضري هو بطل اللقاء أما عماد متعب فيراه «الجندي المجهول» طوال فترة المباراة وتمني أن تظل روح الفدائية التي شعر بها من الأداء المتميز للاعبي المنتخب المصري حتي المباراة النهائية، لنتمكن من الحصول علي الكأس بسهولة. «الله أكبر» و«عظيمة يا مصر» كانت بعض الهتافات التي رددها المواطنون أثناء تجولهم في شوارع المهندسين، وصاحبها هتافات تشجيع لبعض اللاعبين مثل «حضري.. حضري»

و«عمرو.. اوعي يجيلك عمرو» وكان اللافت للنظر وجود بعض المواطنين الفلسطينيين الذين حملوا العلم الفلسطيني بجانب العلم المصري ورددوا هتافات تشجيع للمنتخب المصري، محمد إسماعيل طالب فلسطيني جاء لتشجيع المنتخب الوطني مع أصدقائه الفلسطينيين ورددوا «بص شوف.. أبوتريكة بيعمل إيه» يقول محمد: جئنا لتشجيع منتخب مصر لأننا نحب مصر وشعبها الذي يقف معنا دائما، وأضاف «ربنا كرم أبوتريكة النهاردة علشان اللي عمله لغزة واحنا هنفضل شايلين الجميل ده».

ومع الساعات الأولي من النهار عم الهدوء أرجاء الشوارع من جديد، وبالطبع عادت العصافير إلي عششها مرة أخري بعد أن توقفت الطبول، سكتت الهتافات وعادت الجماهير الغفيرة إلي منازلها حاملين معها فرحة الفوز علي منتخب كوت ديفوار والأمل في عودة المنتخب الوطني بكأس الأمم الأفريقية